الأحد 2 يونيو 2019
04:52 م
السادس من نوفمبر عام 2018، ليفربول يمر بأوقات صعبة في العاصمة الصربية بيلجراد، ويتأخر أمام مضيفه ريد ستار بثنائية نظيفة، في الجولة الرابعة لدور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، يحاول الألماني يورجن كلوب إنقاذ ما يمكن إنقاذه، قرر الدفع بمهاجم صريح بدلًا من صانع اللعب الإنجليزي آدم لالانا.
لالانا في طريقه للخروج من الملعب، من البديل؟ البلجيكي ديفوك أوريجي؟ هل ما زال يلعب في ليفربول؟ ماذا ينتظر كلوب من مهاجم لم يلمس الكرة بقميص الفريق الأول منذ بداية الموسم؟ كانت مهمة قاسية على أوريجي بالدخول في تلك الأجواء، وانتهت بالفعل المواجهة بخسارة ليفربول بثنائية نظيفة، لكن جماهير الفريق الأحمر تذكرت أن لديها مهاجم كان في طي النسيان.
في الثاني من ديسمبر كان موعد مباراة ديربي ساخنة للغاية في الجولة الرابعة عشرة من عمر الدوري الإنجليزي الممتاز، إيفرتون يقترب من أحد أهم أهدافه في الموسم، بإيقاف غريمه ليفربول، وإفقاده نقطتين في سباق المنافسة مع مانشستر سيتي على قمة جدول ترتيب بريميرليج، الألماني يورجن كلوب المدير الفني لفريق ليفربول يستعدلإجراء تغييره الأخير قبل ست دقائق فقط من النهاية.
مجددًا يظهر أوريجي، هذه المرة يعرف طعم بريميرليج في الموسم الحالي بعد غياب امتد لثلاث عشرة جولة، يشارك بدلًا من البرازيلي فيرمينو، ماذا يمكنه أن يفعل في إحدى ست دقائق وهو الذي يحتاج لأضعافها لمجرد التأقلم مع الفريق؟
لكن ما حدث لم يكن في الحسبان، في الدقيقة السادسة من عمر الوقت بدل الضائع، يسدد الهولندي فيرجل فان دايك كرة طائشة، ذهبت عاليًا ليستعد الجميع لصافرة نهاية اللقاء، حاول الحارس الإنجليزي الدولي جوردان بيكفورد الإمساك بها، لكنها خدعته، لتفلت من يده، وترتد من العارضة وتتهيأ أمام أوريجي الذي وضعها في الشباك الخالية، واقتنص فوزًا جنونيًا لفريقه.
يلعب أوريجي البالغ من العمر 24 عامًا موسمه الخامس مع ليفربول، بينها موسمان لعبهما معارًا مع فريقه السابق ليل الفرنسي "2014/2015" قبل أن يلعب الموسم الماضي بقميص فولفسبورج الألماني، وعاد مجددًا إلى الفريق الإنجليزي في الموسم الحالي، لكنه خرج من حسابات مدربه تمامًا في معظم فترات الموسم.
بعد مشهد الديربي الجنوني، كافأ كلوب مهاجمه البلجيكي بالمشاركة أساسيًا في المواجهة التالية أمام بيرنلي، وصنع أوريجي هدفًا ليساهم في فوز ليفربول بثلاثة اهداف مقابل هدف، لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيًا للحصول على المزيد من الفرص للمشاركة، ليشارك في دقيقة واحدة فقط خلال تسع مواجهات متتالية بمنافسات بريميرليج، كما غاب بطبيعة الحال عن قمتي باريس سان جيرمان ونابولي في ختام دور المجموعات لدوري الأبطال.
مشاركات متقطعة، سجل خلالها أوريجي هدفًا وحيدًا في شباك واتفورد بالدوري الإنجليزي الممتاز، وآخر في شباك وولفرهامبتون بكأس الاتحاد الإنجليزي، قبل أن يأتي المشهد الأبرز في موسم أوريجي، وربما في مسيرته الكروية بأكملها، عندما ساهم القدر في ظهوره أساسيًا بمواجهة فارقة في موسم العملاق الإنجليزي.
رغم الطموحات الكبيرة التي خاض بها ليفربول مواجهة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام فريق برشلونة الإسباني، إلا أنه سقط بطريقة مؤلمة ذهابًا بثلاثية نظيفة في ملعب كامب نو، وازدادت الأمور سوءًا بخسارته خدمات نجميه المصري محمد صلاح والبرازيلي فيرمينو قبل مواجهة الإياب.
اضطر كلوب لإشراك أوريجي أساسيًا بجوار السنغالي ساديو ماني والسويسري شيردان شاكيري في مواجهة الإياب بملعب أنفيلد، والتي احتاج بها ليفربول إلى معجزة للتقدم إلى المواجهة النهائية للموسم الثاني على التوالي.
سبع دقائق فقط احتاجها أوريجي ليعلن أنه قادر على حماية آمال ليفربول الأوروبية، بعدما سجل هدفًا أحيا آمال فريقه في صنع المعجزة، واشتعلت أجواء الملعب الإنجليزي العريق مطلع الشوط الثاني عن طريق الهولندي فينالدوم الذي سجل الهدفين الثاني والثالث.
في الدقيقة التاسعة والسبعين، وبطريقة ماكرة، خدع الظهير الأيمن الشاب أليكساندر أرنولد لاعبي برشلونة، بعدما تظاهر بعدم تنفيذ ركلة ركنية قبل أن ينفذها وسط عدم جاهزية خط دفاع الفريق الكتالوني، وكان أوريجي في المكان المناسب، ليضع الكرة في الشباك، معلنصا عن الهدف الرابع الذي منح ليفربول بطاقة التأهل لنهائي مدريد.
بعد اكتمال الخط الهجومي الأساسي لفريق ليفربول بتعافي صلاح وفيرمينو، لم يكن للمهاجم البلجيكي مكانًا أساسيًا في تشكيل العملاق الإنجليزي أمام توتنهام هوتسبر بنهائي مدريد، لكن كلوب آمن بقدرته على صناعة شىء مميز جديد، فدفع به في الدقيقة الثامنة والخمسين بدلًا من فيرمينو، عندما كانت النتيجة تشير لتقدم ليفربول بهدف سجله محمد صلاح من ركلة جزاء في الدقيقة الثانية.
أصبح أوريجي "أيقونة" موسم ليفربول بمشاهد معدودة، بعدما نجح في اقتناص الهدف الثاني الذي أكد تتويج ليفربول بالبطولة القارية الأشهر على صعيد الأندية بعد غياب امتد لأربعة عشر عامًا، ليكتب اللقطة الختامية بإسمه، ويصبح أحد أبرز نجوم موسم تاريخي لفريق ليفربول، بثمانية أهداف فقط سجلها على مدار الموسم.