الثلاثاء 28 أبريل 2020
07:19 م
طفرة تاريخية حققها الهولنديون في كرة القدم بالعقد السابع من القرن العشرين، فتحولوا من منتخب مغمور بلعبة لا تتمتع بشعبية كبيرة في أراضيهم، إلى فاكهة الكرة الأوروبية، بفضل أفكار الكرة الشاملة التي قادها المدير الفني العبقري رينوس ميخيلز، والجيل الاستثنائي الذي قاده اللاعب الفذ يوهان كرويف.
قدم المنتخب الهولندي فلسفة جديدة بدأت مع جيل أياكس أمستردام التاريخي نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، وأبهر العالم في نهائيات كأس العالم 1974 بالأراضي الألمانية، لكن المشهد الأخير جاء محبطًا بخسارة المواجهة النهائية بهدفين مقابل هدف أمام أصحاب الأرض.
لم يستسلم الهولنديون بعد خسارة لقب تاريخي كان وشيكًا، وذهبوا بآمال كبيرة إلى مونديال 1978 الذي احتضنته الأراضي الأرجنتينة، رغم تغير لقيادة الفنية، واعتزال الأسطورة يوهان كرويف اللعب الدولي عام 1977.
مجددًا كانت النهاية صادمة، وخسر المنتخب الهولندي الذي قاده المدير الفني النمساوي الشهير إرنست هابل المواجهة النهائية أمام أصحاب الأرض أيضًا، بعدما امتدت لوقت إضافي بعد التعادل بهدف لمثله في الوقت الأصلي، وحسمها المنتخب اللاتيني بهدفين إضافيين.
بعد أربعة عشر عامًا من مونديال 1974، عاد رينوس ميخيلز ليقود منتخب بلاده مجددًا في بطولة كبرى جديدة على أراضي ألمانيا الغربية، بعدما قدم المنتخب البرتقالي مشوارًا رائعًا في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية 1988، انتهى بتصدره باكتساح جدول ترتيب المجموعة الخامسة.
كون ميخيلز جيلًا جديدًا ضم مجموعة أصبحت من أساطير الكرة الهولندية، أبرزهم ماركو فان باستن، رود خوليت، فرانك ريكارد ورونالدو كومان، ولعب المنتخب البرتقالي في المجموعة الثانية، إلى جانب منتخبات الاتحاد السوفيتي، أيرلندا وإنجلترا.
رغم الآمال الكبيرة والمشوار المميز في التصفيات، لم تكن البداية مبشرة، حيث خسر الهولنديون مواجهتهم الافتتاحية بالبطولة التي شاركت بها 8 منتخبات فقط في ذلك الحين بهدف نظيف أمام الاتحاد السوفيتي، إلا أن الانجليز دفعوا ثمن الانتفاضة الهولندية في الجولة الثانية، بثلاثة أهداف "هاتريك" من توقيع فان باستن، مقابل هدف وحيد.
في المواجهة الحاسمة على بطاقة التأهل الثانية للدور نصف النهائي خلف الاتحاد السوفيتي، انتزع المنتخب الهولندي فوزًا صعبًا على نظيره الأيرلندي، بهدف سجله ويليام كييفت في الدقيقة الثانية والثمانين، ليتجه نحو مواجهة ثأرية مع أصحاب الأرض.
تقدم الألمان عن طريق ركلة جزاء سجلها لوثر ماتيوس في الدقيقة الخامسة والخمسين، قبل ركلة جزاء ناجحة تعادل بها رونالدو كومان للهولنديين في الدقيقة الرابعة والسبعين، وحسم فان باستن نجم نجوم البطولة تلك الموقعة قبل دقيقتين فقط من نهاية الوقت الأصلي، ليؤمن بطاقة تأهل تاريخية إلى نهائي كأس الأمم الأوروبية.
كما افتتحا مشوارهما بالبطولة، اختتم منتخبا هولندا والاتحاد السوفيتي المشوار، لكن على الكأس الفضية الشهيرة هذه المرة، والتي لم يذق المنتخب الهولندي طعم التتويج بها، وكذلك بأي بطولة كروية كبرى، بعدما عاندته الكرة في عقد السبعينيات.
بضربة رأسية من رود خوليت في الدقيقة الثانية والثلاثين افتتح المنتخب الهولندي هدفين نظيفين فاز بهما في المباراة النهائية، قبل مشهد تاريخي في الدقيقة الرابعة والخمسين، بهدف اعتبره الكثرون الأجمل في تاريخ البطولة القارية، سجله فان باستن من زاوية مستحيلة في شباك الحارس السوفيتي العملاق رينات داساييف.
أنهى المنتخب الهولندي صيامه عن الألقاب بالتتويج التاريخي، إلا أنه دشن صيامًا جديدًا منذ ذلك الحين، بعدما عانى في بطولات كبرى عديدة رغم تقديمه أجيالًا تاريخية، كان أبرزها في بطولات كأس العالم 1998، 2010 و2014.