الأربعاء 7 نوفمبر 2018
03:57 م
"من العتبة جينا ومن شبرا.. يا تريكة، يابو فانلة حرير حمرا.. يا تريكة، فنان ولعبك رجولية.. يا تريكة، يانجم الكورة المصرية.. يا تريكة، يا مدفعية.. ياتريكة والرجل ديه.. ياتريكة، في الحتة ديه.. ياتريكة وصلنا بيها العالمية.. ياتريكة.. يا يا يا يا ياترييييكة".. أهازيج كانت ترّج ملعب الجونة عصر يوم السبت 31 أغسطس 2013 رغم حرارة الجو ليتوقف اللاعب صاحب القميص رقم 22 عن الإحماء قبل مباراة ليوبارد الكونجولي في دور الثمانية من دوري أبطال أفريقيا ويتجه لتحية الجماهير مُنحيًا أمامهم لتعلوا الصيحات باسمه.. الماجيكو ـ كما تلقبه جماهير ناديه ـ يحتفل اليوم 7 نوفمبر بعيد ميلاده الـ 40.
محمد لم يكن المُحب الوحيد لكرة القدم في أسرته التي كانت تعشق النادي الأهلي فيذهب رفقة أخيه الأكبر أحمد ـ رحمه الله ـ لمشاهدته في الدورات الرمضانية فكان للأخير اسمًا هو وأخيهم الثالث أسامة في الملاعب بقرية ناهيا في الجيزة.
وهو الأمر الذي جعل محمد جديرًا بالانضمام لفريق مدرسته؛ حيث تعرض لأول إصابة في مسيرته ليُقرر أحد المدرسين هناك منعه من اللعب حتى لا تتفاقم إصابته ولكنه اضطر للدفع به في الدقيقة الأخيرة من إحدى مباريات دوري المدارس وكافئه تريكة بهدف التعادل.
وبعدها أخذ محمد البالغ من العمر 12 سنة اللعب في دوري القطاعات لتفطن أسرته ضرورة ممارسته كرة القدم في أحد الأندية ولم تكن خيارات كثيرة أمامهم فهم يعشقون الأهلي"ذهبنا للأهلي ولكنهم رفضوني لجسمي الصغير الضعيف ولكنني ذهبت بعدها للاختبار في الترسانة وانضممت لصفوفهم في سن الـ 14".
وأخذ تريكة يتدرب معهم لمدة شهرين حتى طالبوه بضرورة شراء حذاء جديد غير "الباتا" الذي كان يرتديه فقرر الانقطاع عن التدريبات فجائه زميله يخبره أن النادي سيتكفل بكل شيء مقابل عودته مرة أخرى لصفوفه:"وحينها اشتريت حذاء كرة قدم لونه أبيض وأسود لازلت أتذكره فهو أول حذاء لي في حياتي".
ومنذ ذلك الوقت وأبو تريكة يرتدي رقم 10 في صفوف الترسانة يُدافع عنه في المنافسات المختلفة ولكن البداية لم تكن سهلة فهذا الطفل يذهب للمدرسة صباحًا ويعود بعدها للمران وفي الصيف يعمل في مصنع للطوب ثم يذهب للمران.. ضاحكًا:"عملت حتى سن 17 أو 18 سنة به وتدرجت فكنت أكنس في البداية الحصى من الأرض ثم ترقيت فكنت أذهب بالأسمنت إلى مكانية الطوب وهكذا".
ومع الترسانة كانت الأعين على ذلك الشاب الذي يراوغ الخصوم بلا أي مجهود ليذهب لهز شباكهم حتى صُعد للفريق الأول ويمثله في الدوري الممتاز لتبدأ العروض والأحاديث تدور حوله فمحمود الخطيب، نائب رئيس مجلس إدارة الأهلي حينها يتذكر أن الإسماعيلي كان يريد ضمه مما دفعه للتواصل مع عدلي القيعي، رئيس لجنة التعاقدات بالقلعة الحمراء حينها للتعرف على سبب تأخر توقيع اللاعب.
حسن فريد، رئيس الترسانة حينها كان قد تحدث مع تريكة وأخبره أنه يريده أن يُجدد له في يناير عام 2003 هو وزميله زغلول بالفريق فأخبره محمد أنه سينتظر عودته من السفر يوم الجمعة ويجلس معه السبت ويوقع على كل شيء فوضع رئيس الشواكيش حينها 230 ألف جنيه للاعب رقم 10 و200 ألف جنيه لزميله ولكن رفض الأول وطلب الحصول على 200 فقط حتى يكون مثل زميله.
سافر حسن فريد، رئيس الترسانة مطئناً حتى فوجيء فور وصوله القاهرة مرة أخرى بتوقيع محمد على استمارات لصالح النادي الأهلي فيوضح الخطيب أنه تواصل مع رقم صديق لأبو تريكة فاللاعب لم يكن يتحدث حينها وأخبره أنه يريد مقابلة محمد للتوقيع معه وإذا كان هذا مناسبًا لهم فسيتواجد بأحد الأفراح بمنطقة مصر الجديدة وعليهم التوجه له.
وبالفعل وجد محمود الخطيب هذا الشخص يدخل قاعة الفرح ويتحدث معه ولكن دون تريكة، فيقول نائب رئيس إدارة الأهلي حينها:"سألته أين تريكة فأخبرني أنه مكسوف من مقابلتي ويقف في الشارع بالخارج فذهبت له بالسيارة وعند محاولتي فتح الحديث معه للحصول على توقيعه أخبرني أن والده كان يريد المجيء لمقابلتي وأنهم عائلة أهلاوية جدًا ولم يتحدث معي في أي تفاصيل مادية فطلبت من عدلي تحضير العقود وبالفعل وقع عليهم في هذه الليلة".
حسن فريد كان يشعر بالحزن ولكنه وافق على انتقال محمد لصفوف الأهلي حبًا له ولأحاديث مجلس الإدارة عن ضرورة الاستفادة من اللاعب وعدم الوقوف أمام مستقبله وحينها انتعشت خزينة الشواكيش ب 450 ألف جنيه.
ولكن اللاعب البالغ من العمر حينها 26 عاماً لم يكن يشعر أن حلمه باللعب للأهلي قد تحقق:"في أول مران للاعبين الجُدد وجدت الفريق بالكامل يقوده مانويل جوزيه وطالبونا بإظهار مهارتنا في التحكم بالكرة ولم أجيد الأمر وقتها من شدة فرحتي" وحينها أخبره كابتن ثابت البطل بنصيحة وضعها "حلقًا في أذنه" بأن من يسير بجوار سور النادي الأهلي يكتسب منه الشهرة.
وحقق اللاعب حلمه بارتداء قميص الأهلي لتبدأ رحلته داخل القلعة الحمراء التي بدأت عام 2003 حتى 2014:"هي سنة الحياة أن يأتي يومًا وطريقك وهدفك ينتهي عند مرحلة معينة ولكن أنت صاحب القرار وتكون صادق مع نفسك واللاعبين الكبار في الأهلي لا ينتظرون أحدًا ليقول لهم اعتزلوا".
ورغم اعتزاله الكرة في 2014 إلا إنه لم يبتعد عن الأهلي فكان دائم تقديم المشورة لمجلس النادي برئاسة محمود طاهر عن طريق وسطاء كما حصل على دورات في الإدارة الرياضية ولكنه لم يشعر بالراحة فحصل على دورات تدريبية ليخدم المنظومة الرياضية المصرية التي صنعت اسمه.
وهنا رغم اعتزاله اللعب لتحليل المباريات ولكن هي أصفى مرحلة له:"بدأت مشجعًا للأهلي وأنا صغيرًا وفي صفوف الترسانة ثم تحولت للاعب بصفوفه ثم عدت الآن مُشجعاً وهي أصفى مرحلة فلا يهمني غير صالح النادي وأن يستمر في تحقيق البطولات".